Document Type : Research Paper
Authors
Abstract
Undoubtedly the founder of any knowledge is who laid the cornerstone of that. On the base of many narratives, Imam Ali (AS) is the founder of Arabic grammar who directed Abul Asvad Addoali to expand Arabic grammar. But some of modern scholars imitated some orientalists and on the base of a few narratives denied that the founder of Arabic grammar is Imam Ali (AS). They also refused to accept the ability of the early Arabs and Muslims to establish a science. Through responding to these deniers, this paper shows weaknesses of their opinions. The authors of this paper have also showed that the Arabic grammar has not been influenced by other languages.
Keywords
الـمقدمة
واجهت قضیة تصدیق الروایات الواردة مع ظهور الإسلام لعدم شیوع الکتابة مشکلاتٍ و صعوبات عدیدة، بیـن رافضٍ ومشککٍ ومُصَدِّقٍ، الأمر الذی فتح باب التجریح و التعدیل، فی الروایات و الأحادیث النبویة، وما یتعلق بـها. واعتماداً على نفس الظروف، شکک بعض الـمحققین فـی روایات أخرى شـملت قضایا الـحوادث التاریـخیة ونشوء الظواهر العلمیة، ومنها تأسیس النحو و وضعه لأول مرة، بالرغم من وجود تواتر روایات عدیدة، تشیـر الى ظروف وضعه و بدایاته. ویعود سبب هذا التشکیک أو التکذیب إلى ظهور نـمط تـحقیق الـمستشرقین الذین لم یقبل بعضهم قدرة العرب والـمسلمین الأوائل على تأسیس العلوم آنذاک، حیث نسبوا جـمیع فروع العلوم والـمعارف لغیر الـمسلمین و العرب. (الطهطاوی، 2004: 126). وربـما وجد بعض الـمحققین فی هذا الاتـجاه سبیلاً لإثارة قضایا یُعْرَفون بها، ویتظاهرون بعمق النظر فیها، والرغبة فی التأکد من الأشیاء، لعلّه یرفع من قیمتهم العلمیة. وقد شجّع هؤلاء الـخلاف الـمذهبـی الذی یدفعهم الـى تفنید أقوال الـمناوئ لـهم، حتى فـی حقوق ثابتة له، وهذا جزء من الـحالة السیاسیة التی عاشها العالم الإسلامی فی بدایة تاریـخة، واستمر متأثراً بـها.
وفی هذا الـمقال استعراض لآراء وردت حول وضع النحو لأول مرة، بین مؤید لوضعه من قبل الإمام علی (علیه السلام)، أو أبی الأسود الدؤلی، أو مَنْ أحالَه إلى ما قَبْلَ الإسلام، ومن نَسَبَهُ إلى أحد تلامیذ أبی الأسود، أو حتى بَعْدَهُم, فقد أثیر الـجدل فی طبیعة ما وُضِعَ لأول مرة، أکان یصلح أن یکون أساساً حقیقیاً للنحو أم لا. وقد اتجهت بعض الآراء إلى اعتماد التصورات البعیدة عن الأسانید العلمیة، مما وسَّع دائرة النقاش، ودفع بعض الکتّاب إلى أن یعبروا عن عدم القدرة فی حسم التحقیق فی هذا الـموضوع، فقد ذهب (مصطفى صادق الرافعی) لیقول: «أمّا تاریخ وضع النحو فلا سبیل إلى تحقیقه ألبته.» بعد أن قال: «و لما وضع أبو الأسود النحو، و أطلق علیه لفظ العربیة». (الرافعی، 2002: 1/271).
و لإزاحة الغموض عن الـحقائق التاریخیة، بترتیب دراسة مصادرها، و دفع الشکوک عنها، فقد تناول الـمقال الآراء الواردة على اختلافها، للوصول إلى تثبیت الصحیح بعد مناقشتها. و ربما کان من أسباب التشکیک فی وضع الإمام علی (علیه السلام) لأساس النحو، هو عدم وجود التقسیمات و التفریعات الـمنطقیة فی زمنه، و هو ما شمل ما ورد فی کتاب نهج البلاغة أیضاً، مما تَطَلَّبَ الاستعانةَ بأدلة تثبیت صحة نهج البلاغة. وأهمیة هذا الـموضوع تتجاوزه، لتشمل ضرورة الرَدّ على إنکار الـحقائق، لـمجرد حرمان الـمخالفین من حقوقهم الثابتة لهم. فلقد اتفق القدماء على واضع النحو أو أوشکوا فی ذلک، إلا أن إثارة بعض الـمتأخرین لشکوکهم أدّى إلى أن یتصدى الباحثون لدحضها، وإثبات بطلانها، ولعل فی هذا الـجهد مساهمةً فی ذلک .
1- معنى النحو العربی: بدأ الناس یتکلمون حسب السلیقة الفطریة، ثم یتعودون على أنـماط معینة من التخاطب بالألفاظ والـجمل و الأسالیب، بعد ذلک ونتیجة لاختلاطهم بـمن یؤثر على لغتهم، کما حصل للعرب، شرعوا بوضع قواعد یعتمدونـها للحفاظ على ما التـزموه من طرق فی التفاهم و التخاطب بلغتهم. فالنحو لغةً: « القَصْد. یقال: نَحَوْتَ الشیءَ نَحْواً، إذا قَصَدْتَهُ، وکلُّ شیءٍ أقمتَه، ویَمَّمْتَه جـمیعا، فقد نـحوتَه، ومنه اشتقاق النحو فی الکلام، کأنه قَصْدُ الصوابِ.» (ابن درید، 1987م: 1/ 575) وفـی لسان العرب: «والنحو: القصـدُ و الطـریقُ، یکون ظرفـاً و یکون اسـماً، و نـحاه، ینحوه، و ینحاه نـحواً، و انتحاه. و نـحو العربیة منه». (ابن منظور،1970م: 15/ 309).
وأمّا فی الاصطلاح فالنحو هو: «انتحاءُ سَمْتِ کلام العرب فی تصرفه، من إعراب وغیـره، کالتثنیة و الـجمع و التحقیر و التکسیر والإضافة و النسب و الترکیب وغیر ذلک. لیلْحَقَ مَنْ لیس من أهل اللغة العربیة بأهلها فی الفصاحة، فینطق بـها، وإن لـم یکن منهم، وإن شذَّ بعضُهم عنها رُدَّ به إلیها. وهو فی الأصل مصدر شائع، أی نَحَوْتُ نـحواً، کقولک قَصَدْتُ قَصْداً. ثم خُصَّ به انتحاءُ هذا القبیل من العلم». (ابن جنی، 2003م: 1/88). وفی (التعریفات): «النحو: هو علم بقوانین یعرف بها أحوال التراکیب العربیة من الإعراب والبناء و غیرهما. و قیل: النحو علم یعرف به أحوال الکلم من حیث الإعلال. و قیل: علم بأصولٍ یعرف بها صحة الکلام و فساده». (الـجرجانی، 1405 هـ : 308).
2 - روایات وضع النحو: لأهمیة النحو العربی، وأثر ذلک فی قراءة القرآن الکریم، و التلاوة الواجبة لسوره الکریمة فی الصلوات الواجبة، فقد اهتم الـمؤرخون بقضیته، وأوردوا روایات عدیدة بـخصوصه، ولا سیما أنـها ارتبطت بشخصیة فذة، مثل الإمام علی بن أبی طالب (علیه السلام)، إلى جانب شخصیة الشاعر أبی الأسود الدؤلـی، والذی ذکره الـمؤرخون فی تاریخ الأدب العربی، باعتباره شاعراً ومرجعاً فی اللغة. فالروایات الواردة على قسمین: القسم الأول یَنْسِبُ وضع النحو إلى أبی الأسود الدُؤلی، أو إلیه بتوجیه من الإمام علی بن أبی طالب (علیه السلام). والقسم الثانی یُحِیلهُ إلى ما قبل الإسلام، أو إلى أحد تلامذة أبی الأسود الدؤلی أو غیره. و سنستعرض أغلب الروایات کما یلی:
1.2 - القسم الأول: روایات وضع النحو من قبل أبی الأسود أو الإمام علی (علیه السلام)، حسب قِدَمِها، و أهمُّ ما ذکره الـمؤرخون:
أ ـ ابن سلاّم (ت 232 هـ )، قال: « وکان أول من أسس العربیة، و فتح بابـها، و انـهج سبیلها، ووضع قیاسها، أبو الأسود الدؤلی...، وإنـما قال ذلک حین اضطرب کلام العرب، فغلبت السلیقة، ولم تکن نـحویة، فکان سراة الناس یلحنون». (طبقات فحول الشعراء، 1952م: 9-10)
ب ـ الـجاحظ (ت 255 هـ ), قال فی أبی الأسود: «کان رئیس الناس فی النحو، و فی مشایخ الشیعة» (البرصان و العرجان، 1983م: 461)
ت ـ ابن قتیبة الدینوری (ت 276هـ)، قال فی أبی الأسود: «وهو أول من وضع العربیة»، (الـمعارف، 1415هـ: 434) و کذلک: «أول من عمل فی النحو کتابا». (الشعر والشعراء، 1902م: 458)
ث- أبو طاهر الـمُقرئ (ت 349 هـ )، قال: «أخذ أبو الأسود عن علی بن أبی طالب (علیه السلام) العربیة». (أخبار النحویین، 1981م: 2)
ج ـ أبو الطیب اللغوی (ت 351 هـ ): «ثم کان من أول من رسم للناس النحو أبو الأسود الدؤلی». (مراتب النحویین،1974 م: 506)
ح ـ أبو الفرج الإصفهانی (ت 356 هـ ):... عن الـمازنـی،... عن الأخفش، عن سیبویه، عن الـخلیل ...، عن عنبسة ومیمون، عن اللیثی: «إنّ أبا الأسود دخل على ابنته بالبصرة، فقالت له: یا أبت ما أشدُّ الـحرَّ ...، فأتى أمیر الـمؤمنین علی (علیه السلام)،... فأمره، فاشترى صحفاً بدرهم، و أملَّ علیه: الکلام ُکلّهُ لا یـخرج عنه؛ اسم وفعل وحرف جاء لمعنى. وهذا القول أول کتاب سیبویه» و «أمر (زیاد) أبا الأسود أن ینقط الـمصاحف، فنقطها. ورسم من النحو رسوماً»،«قیل لأبی الأسود: من أین لک هذا العلم؟ یعنون به النحو، فقال: أخذت حدوده عن علی بن أبی طالب (علیه السلام).» «قال الجاحظ وحدیثه عن عمر بن الـخطاب: کان أبو الأسود مقدما فی ... والنحویین». (الأغانی، 2008م: 12/ 215 ، 217).
خ ـ السیرافی (ت 368 هـ ) قال: «اختلف الناس فی أول من رسم النحو، وأکثر الناس على أبی الأسود الدؤلی» وقال: «أخذ أبو الأسود عن علی ابن أبی طالب (علیه السلام) العربیة» (أخبار النحویین البصریین، 1955م : 10 ـ 11)
د ـ أبوبکر الزبیدی (ت 379 هـ ): «أول من أسس العربیة و نهج سبلها ووضع قیاسها» ویقصد أبا الأسود الدؤلی. (طبقات النحویین و اللغویین، 1973م : 21)
ذ. ابن الندیم، محمد بن إسحاق (ت385 هـ): «زعم أکثر العلماء أنّ النحو أخذ عن أبی الأسود الدؤلی، وأن أبا الأسود أخذ عن أمیر الـمؤمنین علی بن أبـی طالب صلوات الله علیه» ثم یقول: « إنما سمّی النحو نـحواً لأن أبا الأسود قال لعلی علیه السلام: وقد ألقی الیه شیئا فی أصول النحو. قال أبو الأسود: فاستاذنتُه أن أصنع نحو ما صنع، فسمی ذلک نحوا.» (الفهرست،1971م: 45)
ر ـ أبو هلال العسکری (ت 395 هـ ): «أول من وضع الإعراب أبو الأسود الدؤلی. وجاء به إلى علی (علیه السلام)، فقال: إنی أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم وقد تغیرت ألسنتها أفتأذن لی أن أضع کلاماً یقیمون به کلامهم؟ ...» «سمع أبوالأسود رجلاً یقرأ: (أنّ الله برئ من الـمشرکین و رسوله)، بکسر رسوله فقال: لایسعنی إلا أن أضع شیئاً أصلح به هذا، فوضع النحو.» (الأوائل، 1980م: 305 ـ 306)
ز ـ الـمفضل التنوخی (ت 442 هـ ): «ظالم بن عمرو بن سفیان ... وقال أبو عبیدة: کان لا یُخْرِج شیئاً مما أخذه عن امیرالـمؤمنین (علیه السلام). وکان من أصحابه...حتی سمع قارئا یقرأ (أن الله برئ من الـمشرکین و رسولِه) فقال: ما ظننت أمر الناس صار إلی هذا...» (تاریخ العلماء النحویین، الـموسوعة الشعریة: 15)
س ـ ابن الأنباری (ت 577 هـ): « أن أول من وضع علم العربیة، وأسس قواعده، وحد حدوده، أمیر الـمؤمنین علی بن أبی طالب (رضی الله عنه)، وأخذ عنه أبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفیان الدؤلی. وسبب وضع علی (رضی الله عنه) لهذا العلم، ما روى أبو الأسود، قال: دخلت على أمیر الـمؤمنین علی بن أبی طالب رضی الله عنه، فوجدت فی یده رقعة، فقلت: ما هذه یا أمیر الـمؤمنین؟ فقال: إنی تأملت کلام الناس فوجدته قد فسد بمخالطة هذه الـحمراء - یعنی الأعاجم - فأردت أن أضع لهم شیئاً یرجعون إلیه، ویعتمدون علیه؛ ثم ألقى إلیّ الرقعة، وفیها مکتوب: "الکلام کله اسم، وفعل، وحرف، فالاسم ما أنبأ عن الـمسمى، والفعل ما أنبئ به، والـحرف ما جاء لـمعنى"، وقال لی: "انحُ هذا النحو، وأضف إلیه ما وقع إلیک، واعلم یا أبا الأسود أن الأسماء ثلاثة: ظاهر، ومضمر، واسمٌ لا ظاهر ولا مضمر؛ وإنما یتفاضل الناس یا أبا الأسود فیما لیس بظاهرٍ ولا مضمر" وأراد بذلک الاسم الـمبهم. قال أبو الأسود: فکان ما وقع إلیّ: "إن" وأخواتها ما خلا "لکن". فلما عرضتها على علی (رضی الله عنه)، قال لی: وأین لکنّ؟ فقلت: ما حسبتها منها؛ فقال: هی منها، فألـحقها، ثم قال: ما أحسن هذا النحو الذی نحوت! فلذلک سمی النحو نحواً.»و«ان سبب وضع علی لهذا العلم أنه سمع أعرابیاً یقرأ:(لا یأکله الا الـخاطئین). فوضع النحو » و« ان الروایات کلها تسند وضع النحو إلى أبی الاسود وأبو الاسود یسنده إلى علی (علیه السلام) » (نزهة الالباء، 1970م: 3، 6)
ش ـ یاقوت الـحموی (ت 626 هـ ) قال فی أبی الأسود: «والأکثر على أنه أول من وضع العربیة و نقط الـمصحف.» و «جاء أبو الاسود زیادَ بن أبیه، و کان یعلّم أولاده، و قال: إنی أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم و فسدت ألسنتها، أفتأذن لی أن أضع للعرب ما یعرفون به کلامهم؟ فقال له زیاد: لا تفعل. قال: فجاء رجل إلى زیاد فقال: أصلح الله الأمیر، توفی أبانا وترک بنون. فقال زیاد: «توفی أبانا و ترک بنون)! ادعو لی أبا الأسود. فلما جاءه، قال له: ضع للناس ما کنت نهیتُک عنه، ففعل.» (معجم الأدباء، د. ت : الظاء ، 494 )
ص ـ البُرِّی (ت 645 هـ ) عن أبی الأسود: «وهو أول من وضع العربیة» (الـجوهرة فی نسب النبی و أصحابه العشرة، 1983م: 154)
ض ـ القفطی (ت 646 هـ ): «الـجمهور من أهل الروایة على أن أول من وضع النحو، أمیرالـمؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام). قال أبو الأسود: دخلت على أمیرالـمؤمنین (علیه السلام)، فرأیته مطرقاً مفکراً. قلت: فیم تفکر یا أمیرالـمؤمنین؟ قال: سمعت ببلدکم لـحناً، فأردت أن أضع کتاباً فی أصول العربیة.ثم أتیته بعد أیام، فألقى إلیّ صحیفةً فیها: بسم الله الرحمن الرحیم. الکلام: اسم وفعل وحرف، فالاسم ما أنبأ عن الـمسمى، والفعل ما أنبأ عن حرکة الـمسمى، والـحرف ما أنبأ عن معنى لیس باسم ولا فعل. ثم قال: تتبعه وزد فیه ما وقع لک». «واعلم أن الأشیاء ثلاثة: ظاهر و مضمر و شیء لیس بظاهر ولا مضمر، وإنما یتفاضل العلماء فی معرفة ما لیس بـمضمر ولا ظاهر». (إنباه الرواة، 2005م: 13 ـ 16)
ط ـ ابن خلکان (ت 681 هـ): متحدثاً عن أبی الأسود «وهو أول من وضع النحو، قیل: إن علیاً رضی الله عنه، وضع له، وقال: الکلام کله ثلاثة أضرب؛ اسم و فعل وحرف. ثم رفعه إلیه، و قال له: تـمّم على هذا ... وقیل: إنه کان یعلّم أولاد زیاد بن أبیه، و هو والی العراقَین یومئذٍ. فجاء یوماً و قال له: أصلح الله الأمیر. إنی أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم، و تغیرت ألسنتهم، أفتأذن لی أن أضع للعرب ما یعرفون أو یقیمون به کلامهم؟ فقال: لا. فقال: فجاء رجل إلى زیاد وقال: أصلح الله الأمیر. توفی أبانا و ترک بنون. فقال زیاد: توفی أبانا و ترک بنون؟! ادعوا لی أبا الأسود. فلما حضر قال: ضع للناس ما نـهیتک أن تضع لهم. وقیل: إنه دخل بیته یوماً، فقالت له بعض بناته: یا أبت ما أَحسنُ السماءِ [ برفع (أحسن) وجرِّ (السماء)]، فقال: یابُنیة، نجومُها. فقالت له: إنی لم أُرِد أیَّ شیءٍ منها أحسن، إنما تعجبتُ من حُسْنِها. فقال: إذن فقولی ما أحسنَ السماءَ. و حینئذ وضع النحو. وحکى ولده (أبو حرب). قال: أول باب رسم أبی، باب التعجب. و قیل لأبی الأسود: من أین لک هذا العلم؟ یعنون النحو، فقال: لقنت حدوده من علی بن أبی طالب سلام الله علیه. و قیل: إن أبا الأسود الـمذکور، کان لا یُخرج شیئاً مما أخذه عن علی ابن أبی طالب [علیه السلام] إلى أحد، حتى بعث إلیه زیاد الـمذکور...» (وفیات الأعیان، د.ت،ج2: 535-536)
ظ ـ النویری (ت 733 هـ ):عن أبی الأسود، «وهو ظالم ابن عمرو ... وهو تلمیذ علی بن أبی طالب سلام الله علیه فی النحو» (نهایة الأرب فی فنون الأدب، 2004م : 2/ 362)
ع ـ ابن خلدون (ت 808 هـ ): «وأول من کتب فیها، أبوالأسود الدؤلی، و یقال: بإشارة علی رضی الله عنه، لأنه رأى تغیر الـملکة، فأشار علیه بحفظها، ففزع إلى ضبطها بالقوانین الـحاصرة الـمستقرأة» (الـمقدمة، 2005م: 2/ 250)
غ ـ السیوطی (ت 911 هـ ): «أول من أسس النحو على ما ذکرناه فی مقدمة الطبقات الکبرى» ذکر ذلک فی أبی الأسود الدؤلی (بغیة الوعاة ، 1979م: 2/ 22) و «اشتهر أن أول من وضع النحو، علی بن أبی طالب رضی الله عنه لأبی الأسود. قال الفخر الرازی فی کتابه (المحرر فی النحو): رسم علی رضی الله عنه لأبی الأسود باب انّ، و باب الاضافة، و باب الإمالة. ثم صنف أبو الأسود باب العطف و باب النعت، ثم صنف: باب التعجب، وباب الاستفهام، و تطابقت الروایات على أن أول من وضع النحو: أبو الأسود، وأنه أخذه أولاً عن علیّ.». (الاقتراح، د.ت: 203) ومثله فی (سبب وضع العربیة:33) وکذلک فی (الـمزهر،1410هـ،ج2: 397).
2.2- القسم الثانی: روایات وضع النحو من قِبَل غَیْر الإمام علی (علیه السلام) أو أبی الأسود الدؤلی:
أ ـ أبو طاهر الـمقرئ (ت 349 هـ ) قال: «اختلف الناس فی أول من رسم النحو، فقال قائلون: أبو الأسود الدؤلی و قال آخرون: نصر بن عاصم الدؤلی. ویقال: اللیثی و قال آخرون: عبدالرحمن بن هرمز. وأکثر الناس على أبی الأسود الدؤلی»(أخبار النحویین، 1981م:1)
ب ـ أبو الفرج الإصفهانی (ت 356 هـ ) قال:فی إحدی روایاته، «أمر زیاد [ابن أبیه] أبا الأسود الدؤلی أن ینقط الـمصاحف، فنقطها، ورسم من النحو رسوماً» (الأغانی، 2008: 12/ 216) و رواها أیضا، بأمر من (عبید الله) بدل أبیه (زیاد).
ت ـ السیرافی (ت 368 هـ ) قال: اختلف الناس فی أول من رسم النحو فقال قائلون: أبو الأسود الدؤلی. وقال آخرون: نصر بن عاصم الدؤلی. وقال آخرون: عبدالرحمن بن هرمز. وأکثر الناس على أبی الأسود الدؤلی» (أخبار النحویین البصریین، 1955: 10)
ث ـ ابن الندیم (ت 385هـ) : «وقال آخرون: رسم النحو نصر بن عاصم الدوئلی. ویقال: اللیثی. قرأت:بخط عبد الله بن مقلة عن ثعلب، أنه قال: روى ابن لهیعة عن أبی النضر قال: کان عبد الرحمن بن هرمز أول من وضع العربیة. » (ابن الندیم، 1973: 45،46،47)
ج ـ ابن فارس (ت 395 هـ ) قال: «إن العربیة و العروض کانا معروفین قدیـما،ً ثم أتت علیهما الأیام و قلاّ فی أیدی الناس، حتى جاء أبو الأسود فجدّد العربیة و جاء الـخلیل فأحیا العروض» (الصاحبی، 1963م: 38)
ح ـ الأنباری (ت 577 هـ ) قال: «قدم أعرابی فی زمن عمر، فقال: من یقرئنی مما أنزل الله على محمد؟ فأقرأه رجل سورة براءة. فقال: (أن الله برئ من الـمشرکین و رسوله) بالـجر. فقال الأعرابی: أو قد برئ الله من رسوله، فأنا أبرأ منه. فبلغ عمر مقالة الأعرابی. فدعاه... فقال لیس هکذا یا أعرابی ... فقال الأعرابی: و أنا أبرأ مما برئ الله و رسوله منه. فأمر عمر بن الـخطاب، ألا یقرئ القرآن إلا عالم اللغة ... و أمر أبا الاسود فوضع النحو. أخرجه ابن عساکر فی تاریخ دمشق» و قد وردت هذه الروایة فضلاً عن (تاریخ دمشق، 1998م: 25/ 189 ـ 195) فی (نزهة الالباء، 1970م: 1/ 5).
3- تعلیق على القسم الثانی من الروایات:
على الرغم من قلة هذه الروایات، فانـها تتنوع بین إحالة وضع النحو إلى أبی الأسود، بأمر من عمر بن الـخطاب، أو زیاد بن أبیه، أو عبید الله بن زیاد، أو إلى نصر بن عاصم، أو إلى عبدالرحمن بن هرمز، أو أن النحو کان معروفاً قبل الاسلام. فأما الرد على القول الأخیر، فقد انفرد به (ابن فارس)، ولم یأت علیه بدلیل، بل إنه ذکر أن الایام أتت علی النحو، و قلَّ فی أیدی الناس، فلا یُعْلَم کیف کان هذا العلم من آثاره القلیلة، ولـماذا اندثر؟ وما الـموجب لاندثاره، اذا کان مرتبطاً باللغة الباقیة؟ وهو أداة بقاء سلامتها. ونـحن نعلم أن اللغة فی العصر الـجاهلی کانت بـخیر، من حیث ابتعادها عن اللحن، إلا فی موارد قلیلة، فهو رأی لا یستند إلى دلیل.
أما إسناد النحو إلى أمر (عمر)، فقد جاء فی روایة الأنباری، والتی ذکرها السیوطی نقلاً عنه، ولکنهما ذکرا أیضاً الروایات الأخرى الکثیرة التی ترجع وضع النحو إلى أبی الأسود بتوجیه من علی (علیه السلام)، وأن عمر أمر أبا الأسود أن یضع النحو، وهذا تأکید على أن مؤسس النحو هو من اعترف أبو الأسود على أخذ النحو منه، وهو الامام علی علیه السلام. و کذلک حینما ورد اسم عبیدالله أو زیاد أو نصر أو عبدالرحمن، فان الرواة الذین ذکروا هذه الاسماء، إنما جاءوا بها فی روایات ملحقة بالروایات الکثیرة التی رجحوها، والتی صرح أکثرهم بأنها هی الصحیحة. ولعل فی روایة زیاد نوع من الاستغراب، حول رد طلب أبی الأسود الذی أراد حفظ اللغة، وهو رد فی غیر محله. کما أن فی بعضها إشارة إلى أن أبا الأسود کان قد أخذ علم النحو من الإمام علی (علیه السلام)، حین طلب منه زیاد إظهاره.کما أن الروایة التی تذکر عمر، لم تبین بأنه هو الواضع، بل إنه طلب من أبی الأسود ذلک. فاذا کان أبو الأسود هو الواضع فلا یؤثر على الـموضوع شیئاً، إذا أدرکنا أنه هو الذی أرجع علمه إلى علی (علیه السلام). ففی (نزهة الألباء ) لابن الأنباری بعد أن یورد کل هذه الروایات الـملحقة یقول: «و الصحیح أن أول من وضع النحو علی بن أبی طالب [علیه السلام].» (ابن الانباری، 1970: 21) فکأنه یکذبها و یردها فی مکانها.
و علیه فان الروایات القلیلة التی تحیل وضع النحو إلى غیر علی(علیه السلام) و أبی الاسود، لا تستطیع الصمود أمام کثرة الروایات الـمقابلة، خاصة مع الاضطراب الذی فیها، وترجیح رواتها لغیرها، کما أنها من رواة القرن الرابع الهجری الذی شهد تأزم التحزب الطائفی. و لعل الدوافع السیاسیة الـمناوئة للتشیع أرادت إضعاف بریق تلک الروایات الکثیرة الـمتفقة علی أبی الأسود بتوجیه من علی (علیه السلام)، باختلاق روایات مزاحمة لمجرد التشکیک غیر الـمستند علی دلیل، وهذا یدعو إلی رفضها. ولم یَرِد قولٌ لایٍّ من الرواة السابقین إلا وقد رجح وضع النحو من قبل أبی الأسود، الذی صرَّح بأنه قد أخذه من علی (ع).
4- اللحن و أثره فی وضع النحو: إنّ ظهور اللحن ظاهرة طبیعیة لا یمکن اجتنابها، بسبب تأثر اللسان بظروف الاختلاط مع الأعاجم، على الرغم من قلة وجوده فی العصر الـجاهلی وعصر الصحابة. فمع عدم وجود ضوابط و قوانین یلتزم بها الـمتکلمون بالقواعد الصحیحة، فإن ذلک سیؤدی إلى شیوع اللحن، و بالتالی تدهور قواعد اللغة و انفکاکها عند الفرد و الـجماعة، و هذه ظاهرة تؤثر على العرب وغیرهم. فتزاوج اللغات و تأثر بعضها بالبعض الآخر وارد فی کل بقاع الاختلاط و التعایش الـمشترک. إلا أنّ الاختلاط بین العرب والأقوام الأخرى فی ظل الإسلام، وفرض الصلاة، وقراءة القرآن الکریم على الأقوام الأخرى التی دخلت فی الاسلام، ولَّدَ حالةً تستوجب زیادة التجاور والتحاور، والتخاطب الـمشترک بین العرب وغیرهم، فی إطار الأخوة الاسلامیة، مما زاد إمکانیة تاثر اللسان العربی بغیره. فإلى جانب ذلک، لابد أن تکون هناک إجراءات تدفع الضرر عن لغة القرآن الکریم، وتصون نطق الآیات الشریفة من اللحن والـخطأ. ولا یمکن أن نتصور ترک هذا الـموضوع، دون جهود وواجبات تحمی لغة القرآن. فأصبح الأمر من الواجبات الشرعیة الکفائیة، وفی ذلک یقول السیوطی عن فخر الدین الرازی: «اعلم أن معرفة اللغة و النحو و التصریف فرض کفایة، لأن معرفة الأحکام الشرعیة واجبة بالاجماع، ومعرفة الأحکام بدون معرفة أدلتها مستحیل، فلابد من معرفة أدلتها، والأدلة راجعة إلى الکتاب والسنة، وهما واردان بلغة العرب ونحوهم وتصریفهم، فإذن توقف العلم بالأحکام على الأدلة، ومعرفة الأدلة تتوقف على معرفة اللغة والنحو والتصریف، وما یتوقف على الواجب الـمطلق، وهو مقدور للمکلف، فهو واجب، فإذن معرفة اللغة والنحو والتصریف واجبة.» (السیوطی، الاقتراح، د.ت:78) وهو ما یتولاه أهل الدین والـمعرفة فی ذلک الوقت،کواجب شرعی یفرض على کل مسلم الدفاع عن لغة القرآن. ولا شک أن أبرز أهل العلم فی صدر الاسلام، هم الـمتولون لهذا الأمر. و هنا تسطع شخصیة الإمام علی (علیه السلام)، کأبرز من یتولى شؤون حمایة اللغة شرعاً، قبل أن یکون عرفاً أو رغبةً. فاللحن الذی یظهر، لابد من مواجهته بأمر من الرسول الأکرم صلى الله علیه وآله. فقد ذکر أبو الطیب اللغوی: «واعلم أن أول من اختل من کلام العرب فأحوج إلى التعلم، الأعرابُ و لأن اللحن ظهر فی کلام الـموالی و الـمغتربین عهد النبی صلی الله علیه وآله وسلم، فقد روی أن رجلاً لـحن بـحضرته فقال: أرشدوا أخاکم فقد ضل».
(أبو الطیب اللغوی، 1974: 12)
فمع وجوب حفظ اللغة من قبل علماء الأمة، برزت ضرورة شرعیة لوضع النحو، لا یـجوز التهاون فیها، بل لا یـمکن أن نتصور تأخیر ذلک، حتى یأتی علماء اللغة الراغبون فی هذا العلم لیألِّفوا و یبدعوا فیه، بل أصبح الأمر فوق ذلک، من حیث الأهمیة و وجوب التدارک. خاصة أنّ وجوب تعلم الدین الـجدید، یرتبط باللغة العربیة ومعانی القرآن الکریم، التی لا تُفْهَم دون سلامة النطق لهذه الآیات الکریمة. فوضع النحو أصبح فی هذه الظروف لازماً لولاة الدین، و واجباً تـحتمه الشریعة، لدفع الضرر عنها. ولا یخفى على کل منصف مراقب لمجتمع الـمسلمین الأوائل، أن ینظر إلى شخصیة الإمام علی (علیه السلام)، کمسؤول عن إنقاذ لغة القرآن، و هو رجل العلم و البلاغة دون منازع. فواجب تعلم اللغة و الـمحاسبة على الغلط فیها، یتطلب منهجاً یـحفظها، فقد ظهرت الـمحاسبة على وجوب عدم اللحن، عن أهل الـمعرفة قبل غیرهم.وقال السیوطی فی ذلک «و قد کان اللحن معروفاً. بل قد روینا من لفظ النبی صلی الله علیه وآله وسلم أنه قال: أنا من قریش و نشأت فی بنی سعد فأنّى لی اللحن؟. و کتب کاتبٌ لأبی موسى الأشعری إلى عمر فلحن، فکتب إلیه عمر: أن اضرب کاتبک سوطاً واحداً» (السیوطی، الـمزهر، 1410هـ :2/ 397).
5- الاستنتاج من الروایات الکثیرة: بعد النظر فیما نقله الرواة و أصحاب الکتب، مـمن ثبت الاعتماد على کتبهم،کمصادر موثوقة لتاریخ الـمسلمین، نستخلص ما یلی:
أولاـ أن الروایات تشیر إلى أن علیاً (علیه السلام) هو أول من وضع النحو. و أنه طلب من أبی الأسود أن ینحو نحو ذلک، لذلک سمی النحو نحواً. و أن الأخیر قد أقرّ و بیّن أن مصدر علم النحو إنما هو الإمام علی (علیه السلام). (ابن الندیم، 1971: 45)
ثانیا ـ أنّ سبب وضع النحو هو تفشی اللحن فی قراءة القرآن الکریم و غیره، بسبب الاختلاط مع الأقوام الأخرى أکثر مما قبل انتشار الإسلام.
ثالثا ـ أنّ کلمات القرآن الکریم کانت بـحاجة إلى وضع حرکات تبین طریقة نطقها، وذلک لکثرة الـحاجة إلى ذلک، و ضرورة عدم الـخطأ فی اللفظ و الـمعنى، خاصة
فی الآیات الکریـمة. فمع هذا الوجوب، لابد من وضع منهج یساعد على القیام به، و هو علم النحو.
فلذلک فإن أمامنا لغة مهددة باللحن، وواجب بوضع ما یزیله أو یعالـجه أو یتجنبه، إلى جانب وجود الشخصیة الـمؤهلة لذلک، و هو علی بن أبی طالب (علیه السلام)، ثم تلمیذه أبو الأسود الدؤلی. و قد أشارت الروایات إلى أن أبا الأسود، کان تلمیذ علی (علیه السلام) فی النحو. و قد سارت الأمور حسب حاجة طبیعیة تطورت بامکانات متوفرة آنذاک. ولا غرابة فی ما حدث مطلقاً، بل الغرابة فی أن تـخلط الأوراق وتثار الشکوک. فما معنی أن یُتَجاوز عن الأستاذ إلى التلمیذ؟ أو یُنْکَر دورُهما إلى آخرین بعدهم، أو حتى قبلهم دون دلیل، بل تصور وادعاء؟. فلا یعقل أن ینـزل القرآن الکریم دون أن یـحسب لقراءته و تعلیمه ما یساعد الـمسلمین على فهمه. إلا أن الـمشککین ذهبوا اتـجاهات غریبة نستعرضها أولاً ثم نناقشها للرد علیها.
6-آراء الـمشککین: ربما کان الـمستشرق (بروکلمان)، أول من شکک فی صحة روایات وضع النحو العربی، بل اعتبر ذلک من الأساطیر. حیث قال: «ومهما وجب علینا أن نعد من قبیل الأساطیر دراسات أبی الأسود الدؤلی و تلامیذه الـمزعومین، فلا یسعنا أن نرفض بأن معاذ بن مسلم کان یبحث فی مسائل النحو.» (تاریخ الأدب العربی، د.ت: 2/ 123). و (معاذ) أحد النحویین بعد أبی الأسود. ولا شک أن فکر الـمستشرقین أثَّرَ کثیراً على بعض الکتّاب، فقد ارتبط کثیر من الـمستشرقین بنخبة الـمثقفین العرب برباط الـمودة و الزمالة و الصداقة، خاصة من تتلمذ على أیدیهم، فی کلیات الآداب ذات الصبغة الدینیة. (الطهطاوی، 2004م: 138) ومن أبرز من شک فی وضع علی أو أبی الأسود للنحو؛ أحمد أمین و سعید الأفغانی و شوفی ضیف و مازن الـمبارک و دهخدا. و فیما یلی نورد نصوصاً مما کتبوه فی هذا الـموضوع:
1.6ـ قال أحمد أمین: « و کل هذا حدیث خرافة، فطبیعة زمن علی وأبی الأسود، تأبى هذه التعاریف و هذه التقاسیم الفلسفیة... وأخشى أن یکون ذلک من وضع بعض الشیعة، الذین أرادوا أن ینسبوا کل شیء إلى علی بن أبی طالب رضی الله عنه وأتباعه.» (ضحى الاسلام، 1935م: 1/ 285)
2.6ـ وقال سعید الأفغانی:«لست أدری، هل أبقت أمور الـخلافة والـحروب والفتن لعلی وقتاً یفرغ فیه للتالیف فی العلوم و تنقیحها واختراعها؟» (فی أصول النحو، 1973م: 155)
3.6ـ و قال شوقی ضیف: «وکل ذلک من عبث الرواة الوضاعین الـمتزیدین.» (الـمدارس النحویة، 1968م: 16)
4.6ـ وقال مازن الـمبارک: «و أما أن یکون علی[علیه السلام] هو الواضع الأول... مع ما نعرفه عنه (رضی الله عنه) من انهماک فی أمور الـخلافة و الـخلاف، فأمر عجیب.» (النحو العربی، 1981م : 29)
5.6ـ وقال دهخدا: «إن نسبة إبداع النحو بشخص عربی بدوی، فی تلک الفترة من بساطة التفکیر البدوی العربی، فی نصف القرن الهجری الأول، إنّ هذا الأمر أشبه ما یکون بالـخرافة. ونسبة هذا الأمر بابن عم الرسول عجیب وخرافی، ومثل الاعتقاد بالغول» (لغتنامه، 1325 ش: ذیل أبوالأسود)
7- الرد على الـمخالفین: بعد أن أثبتت الروایات الکثیرة الواردة، وضع الإمام علی (علیه السلام) للنحو و مواصلة أبی الأسود له، وتوسیعه لقواعده، فإن ما قاله الـمشککون لا یخرج عن تصورات بعیدة عن الاستدلال العلمی. فإذا کان (بروکلمان) معذوراً بتعجله اعتبار روایات الـمؤرخین أساطیر ومزاعم، لأنه من الـمستشرقین الذین دأبوا على التشکیک ببناء العرب والـمسلمین لحضارتهم. (الطهطاوی، 2004: 125ـ 126) إلا أن أحمد أمین ینهج فی التردد بتصدیق الروایات الـمؤکدة منهجاً یبین مدى رغبته فی تکذیبها، بالرغم من قوتها و غلبتها. فهو لا یترک ما یتشبث به لتحقیق هدفه برفضها. فمرة یقول « ومن حسن الـحظ أن هذا لیس محل اتفاق بین العلماء فمنهم من قال عبدالرحمن بن هرمز أو نصر بن عاصم ... والقائلون بهذا من غیر شک ینکرون نسبته إلى علی وأبی الأسود.» (ضحى الاسلام، 1935: 1/286) وهذا هو الذی یهمه. ولکنه لا یجد بُداً من الاعتراف فیقول: «ویظهر أن نسبة النحو إلى أبی الأسود لها أساس صحیح، وذلک أن الرواة یکادون یتفقون على أن أبا الأسود قام بعمل من هذا النمط، وهو أنه ابتکر شکل الـمصحف ... والواضح أن هذه خطوة أولیة فی سبیل النحو تتمشى مع قانون النشوء، و ممکن أن تأتی من أبی الأسود.» ثم یقول «فمن قال إن أبا الأسود وضع النحو فقط کان یقصد شیئاً من هذا، وهو أنه وضع الأساس بضبط الـمصحف» (الـمصدر نفسه: 286). والظاهر أن (أحمد أمین) تجاهل عدم إمکانیة فک الارتباط بین تقسیم الکلمة و بین تشکیلها، بل إن الذی یستطیع أن یشکل الکلمات، لابد وأن یکون عارفاً بأساس تقسیم الکلمة. ولا شک أن هذه الـمماطلة فی رفض الاقتناع بأبسط الـحقائق ونعتها بالـخرافة، تعتمد علی نیة مسبقة فی رفض التصدیق بها. فهو یـحاول الاستهانة بعمل أبی الأسود حین یذکر:« فالظاهر أن عمله فی أول الأمر کان ساذجا بسیطا. وهو وضع علامات الرفع والنصب وما إلیها، ولم یزد على ذلک. فلما سمى العلماء بَعْد بعض ضروب النصب مفعولا، قالوا: إن أبا الأسود وضع باب الفاعل والـمفعول. وإن کان أبو الأسود نفسه، لم یعرف فاعلا ولا مفعولا، بل وربما لم یعرف أیضا رفعا ولا نصبا .فانهم یرون أنه قال لکاتبه: إذا رأیتنی قد فتحت فمی بالـحرف فانقط نقطة فوقه، وإن ضممت فمی فانقط بین یَدَیّ الـحرف. فالذین جاءوا بعد، أطلقوا الاسماء الاصطلاحیة التی وضعوها على ما فعل أبو الأسود فی وضعه الأول الساذج».(الـمصدر نفسه: 287-288 ) ولا تخفى سذاجة الکاتب بهذا الـمنطق الـخیالی الذی یعتمد على(ربـما) فی بیان ما حدث، وینکر شهادة أقطاب العلم والتاریخ فی إعطاء عالم نحوی کبیر ما یستحقه، على جهد مؤثر فی تاسیس النحو، وباق إلی یومنا هذا. بل من الغریب أن یتصور سذاجة تشکیل الکلمة لأول مرة، وهو أساس الإعراب والضبط فی النطق. ومع ذلک فهو یتراجع ویعترف بأنها الـخطوة الأولیة لتأسیس علم النحو. فهو لا یستطیع التخلص مما رسخ فی ذهنه من أفکار. فربما یتصور أن ذلک من وضع الشعوبیة أیضاً، حین یقول: «وأما التشیع فقد کان عش الشعوبیة الذی یأوون إلیه، وستارهم الذی یستترون به» (الـمصدر نفسه: 62). و قد اعتمد أحمد أمین فی نقده لخبر وضع علی علیه السلام للنحو، أن فی النحو مقاییس و تفاریع، قد لا یستطیع علی ذکرها، لوضع بیئة صدر الاسلام من بساطة فی النظر والتفکیر. والرد على ذلک واضح، ألیس الشعر الـجاهلی مملوء بدقة الوصف و استکماله و متابعة جزئیاته وممیزاتها ،کما فی وصف الناقة و الفرس و الآثار وغیرها لشعراء مثل امرئ القیس و طرفه و لبید؟. و اذا کان یستغرب من التقسیمات فی الکلمة، فالتقسیمات العددیة موجودة فی شرح الـمسائل و بیان الفضائل و الرذائل، فکلام الصحابة و کلام حکماء العرب و بلغائهم مفعم بذلک. (الـخطیب، 1985م: 1/161). ویبدو أن ما ذکره أحمد أمین لا یـخرج عن کونه تصورات لا تستند إلا علی الرغبة فی التفنید دون دلیل.
و من الـمناقشین فی وضع النحو، سعید الأفغانی: حیث ینقل فی کتاب (فی أصول النحو( روایة الأغانی حول أول ما وضع من أبواب النحو، ثم بعدها بصفحة ینقل عن ابن أبی الأسود: (إن أول باب وضعه أبی من النحو، التعجب.) فیقول:و هذا ما یختلف عن روایات أخرى ذکرت الباب الأول فی النحو. فالأفغانی یُشْکِل على روایات وضع النحو، بروایة تختلف فی تحدید الباب الأول. فإذا کانت هذه الروایة غیر دقیقة، فلا یدل ذلک على أن روایة الأغانی الأولى غیر صحیحة، لاختلاف جزئی بینهما. فهما یؤکدان على وضع أبی الأسود للنحو، مع اختلاف فی أول باب منه. ثم یشیر الأفغانی إلى شیوع اللحن قبل حادثة أبی الأسود، و هذا لایَدُلّ إلا على أمر واقعی یؤکد اهتمام الإمام علی (علیه السلام) وأبی الأسود بوضع النحو، و أنه أمر لا یقبل التأخیر، مقابل من أحال وضع النحو إلى تلامذة أبی الأسود، مما لا یتقبله الـحال الذی شهده شیوع اللحن. وهو یتصور أن أمر الـخلافة قد شغل علیا عن النحو. ولا یأتی على باله انعزاله مدة خلافة الثلاثة الأُوَل. وکل هذه الـمحاولات، هی لتکذیب روایة متواترة أکدها کثیر من الـمؤرخین. ویقول الأفغانی: (یعتبر اللحن الباعث الأول على تدوین اللغة وجمعها وعلى استنباط قواعد النحو و تصنیفها ... بدأ اللحن قلیلاً خفیفاً منذ أیام الرسول (ص) على ما یظهر... هذا و روایات اللحن لا تتفق على وتیرة، فمنها ما یجعل هذه القصة من زمن زیاد، و أن زیاد هو الذی طلب من أبی الأسود وضع شیء یتمم عوج الألسنة اللاحنة. ویعلق الأفغانی علی اختلاف روایات اللحن وأول باب فی النحو فیقول: «و فی النفس شیء من نسبة الأولیة فی وضع النحو و سائر العلوم لعلی بن أبی طالب.» ( فی أصول النحو ، 1973م: 15) فالأفغانی یشکک فی الروایة، لا لشیء إلا لوجود روایات معدودة أخرى مختلفة، فی حین أن الروایات التی تبین وضع النحو من قبل علی (علیه السلام) هی الأکثر نقلاً من قبل الـمؤرخین، وأکثرها اتفاقاً علیها من قبلهم. ولا ینقص منها وجود مغایرتها القلیلة الـمتنوعة، فی عصر شهد تسلط أعداء الإمام علی (علیه السلام) و محاولات عدیدة لطمس عظمة هذه الشخصیة، و هو ما یزید احتمال اختلاق روایات إضافیة، تحاول التأثیر على الروایات الأصلیة الکثیرة.
وقد درج شوقی ضیف فی أعقاب أحمد أمین. ولم یظهر سوى أهواءه التی تصور له خرافة وضع النحو، ناصتا لإضافات الرواة الـمختلقین، دون أن یضع وزناً لقیمة الناقلین للروایات الغالبة، وهم من عُرفوا بالصدق و الثقة. ومن الـجدیر بالذکر أن العلماء الذین نسبوا النحو إلى علی (علیه السلام) و أبی الأسود «کان أکثرهم من أهل السنة الثقات؛کأبی عبیدة معمر بن الـمثنى، و الـمبرد و الزجاجی و ابن ندیم و السیرافی و ابن جنی و أبی الطیب اللغوی و أبی البرکات الأنباری، بل إن منهم من کان من الـخوارج کأبی عبیدة،[ویاقوت الـحموی]، وإن منهم من کان منـزهاً عن الکذب والوضع کالـخلیل.»(الشوشتری، 1382 ش: 44).
ثم یأتی آخر من الـمتأخرین (صاحب کتاب لغت نامه) فیرغب فی تفنید ما جاء. فلا یجد ما یعتمد علیه، وبصراحة، سوى تصوره من أن العرب البدو الصحراویین، لا یستطیعون وضع مثل هذا العلم. حیث یقول: «بعد سنوات من ذلک وضع سیبویه الفارسی، بمساعدة الـخلیل بن أحمد الفراهیدی، لوحده أو مع واحد و أربعین شخصاً، هذا العلم أی النحو، حینما أصدروا (الکتاب) فی تصرف العرب و العجم». (دهخدا، 1325ش: 372). و مما لا شک فیه فإن هذا الرأی،لم یستند إلا على تعصب قومی، لا یقوى على الوقوف أمام الناقد الـمنصف الـمستند على الـحقائق العلمیة الـمحایدة. فسیبویه نفسه، وکما یقول أحمد أمین: «وعلى الـجملة فیظهر أن سیبویه جمع فی کتابه ما تفرق من أقوال العلماء قبله، ورتبها وبوبها، وجمع ما استشهد به العلماء من شعره، وما سمعه بنفسه» (ضحى الاسلام، 1935: 1/290) وفی (الأغانی) یذکر کیف أن معلومات النحو، نبعت أولاً من أبی الأسود، ثم جاء بعده میمون الأقرن فزاد علیه، ثم زاد فیها بعده عنبسة بن معدان، ثم أبو عمرو بن العلاء ثم جاء الـخلیل، وکان صلیبه فلحب الطریق. (ابو الفرج الإصفهانی، 2008: 12/ 216). وصلیبه:أی أنه کان عربیاً أصیلاً. ولـحب: بیَّنَ الطریق.
وأمام تأکید الروایات الکثیرة لتأسیس علی (علیه السلام) لعلم النحو لا یستبعد سعید الأفغانی، أن یکون أبوالأسود الدؤلی قادراً على وضع النحو. فیقول: «ومن یقرأ بإمعان ترجمة أبی الأسود فی تاریخ دمشق لابن عساکر مثلاً، یفکر فی شوارد أکثر الـمصادر على جَعْلِه وضع الأساس فی بناء النحو، لا یستبعد ذلک؛ لأن الرجل ذو ذکاء نادر، وجواب حاضر، و بدیهة نیرة. ثم هو بَعْدُ، بلیغ أریب، مرن الذهن، وحسبک اختراعه الشکل الذی عرف بنقط أبی الأسود.» (من تاریخ النحو، 1978م: 27) (ابن عساکر، 1998م: 194)
لقد اضطرب فهم بعض الکتاب، لا لشیء سوى الشک و التصور الـملائم لأذواق الـمستشرقین، أو الـمناوئین للإمام علی (علیه السلام). الأمر الذی جعل بعض الکتّاب، یـخفف من رفض الـروایات، لیقول مازن الـمبارک: «وأمـا إذا وضع أبو الأسود، فهو ما یُعتقد أن القدماءلم یـختلفوا فیه، و لکننا اختلفنا فی فهم ما أوردوه.» (النحو العربی، 1981م: 30). وقد ادعى البعض مضطراً فی أن علیاً أو أبا الأسود وضع فی العربیة، و لیس فی النحو، إیغالاً فی اضعاف الروایات الواردة، و منهم أحمد أمین. فی حین أن استخدام التسمیات الـمرادفة، والـمقصودة فی الـمعنى، لا یؤثر على واضع النحو.وما ذاک الادعاء إلا للتمادی فی محاولة التشکیک غیر الـمبرر. والـمعروف أن هذا العلم سمی بالعربیة تارة، و بالإعراب تارة أخرى. و یذکر أن العرب کانوا یطلقون على النحو: العربیة أو الکلام أو اللحن أو الإعراب. فمن ناحیة یقال: « ولم یستعمل النحاة الأوائل فیما یبدو کلمة نحو للدلالة علی هذا العلم، وما یتبعه من دراسات خاصة به، وإنـما استعملوا کلمة العربیة، فی مقابل کلمة نحو.» وفی أخری یقال « واستعملت کلمة نحو أو ما اشتق منها منذ زمن أبی الأسود وعلی ابن أبی طالب[علیه السلام].» (الـحدیثی، 1990م: 50). ویمکن أن یکون القصد فی استعمال الـمصطلح استعمالا تاما کاملا، ولکن لا یغیب عن أذهان الباحثین أن ذلک لن یـحصل مع بدایات إطلاقه. بل یـحتاج فترة لیصبح معروفا، فیتم تداوله. والثابت أن علم النحو له بدایة لـم تتغیر، حتى یومنا هذا، وهو ما یـؤکد استحقاق نسبة وضع النحو إلى علی علیه السلام ثم أبی الأسود. فإذا أراد الـمحققون فی وضع النحو، أن یکونوا على جانب من الدقة کبیر، فلا بد لهم أن یشککوا فی مجیء کتاب موسع فی النحو، على ید سیبویه، دون أن تکون هناک جهود تسبقه. فالـحقائق أثبتت تنامی معلومات النحو، انطلاقاً من القاعدة الأولى، التی وضعها الإمام علی (علیه السلام) للکلمة، و حتی توسیع أبی الأسود لذلک. ثم أکدت کیف أن تلامذة أبی الأسود أخذوا نصیبهم من الزیادة، حتى جاء الفراهیدی و سیبویه، وهما اللذان اعترفا أیضا بالأخذ عمن سبقهما. ومن الغریب أن یعترف البعض بأن أبا الأسود الدؤلی هو واضع النحو ولکنه یقول: بأن لا شأن له باعتراف أبی الأسود بالأخذ من علی (علیه السلام). فتقول خدیجة الـحدیثی: «ولا یعنینا ذلک أن کان عمله هذا بدافع ذاتی، أم بحثٍّ من الإمام علی، أو من زیاد أو عبیدالله.» (الـمصدر نفسه: 61). ولا یمکن قبول عدم الاعتناء بما صرح به أبو الأسود نفسه، وهو أخذه علم النحو من علی (علیه السلام). و قد ذکر الطنطاوی بوضوح معتمداً على الأسانید الکثیرة الـمعتبرة: «والصحیح أن أول من وضع النحو، علی ابن أبی طالب (علیه السلام)، لأن الروایات کلها تستنده إلى أبی الاسود، و أبو الأسود یسند إلى علی.» (نشأة النحو، 2002م: 23). وبالتالی یصل الباحث إلى الـحیرة فی مدى لـجاجة بعض الکتاب فی رفضهم للحقیقة، بالرغم من وضوحها، بل إن هذا الاتجاه من البحث، یهدد سلامة التحقیق و البحث العلمی الـحقیقی. فالتشکیک فی انتساب النحو إلى علی (علیه السلام)، وأبی الأسود مع تضافر الروایات، وتواترها فی ذلک، و کما یقول أحد الـمحققین: «لن یکون له من محصلة إلا السماح برفع الید عن أیة قضیة تاریخیة اتفقت علیها الکلمة، و القضاء على مبدأ التقید بمدالیل النصوص، وبخاصة إذا توفرت فی أی حقل من حقول البحث التاریـخی. وهذا ما یرفضه الـمنهج العلمی کل الرفض.» (آل یاسین، مقدمة دیوان أبی الأسود، 2001م: 22).
ومما تجدر الإشارة إلیه أنبعض الـمستشرقین أشار إلى أن هناک صلة بین النحو العربی و النحو السریانی او الیونانی او الهندی. و فی ذلک یقول شوقی ضیف: «و حاول بعض الـمستشرقین أن یصلوا بین نشوء النحو فی البصرة و النحو السریانی و الیونانی و الهندی» (الـمدارس النحویة، 1986م: 20) و یقول أحمد أمین «و إنی أخشى أن تکون حکایة أبی الأسود، قد وضعت فی العربیة على نمط الـحکایة الهندیة» (ضحى الاسلام، 1935 :1/ 245) و یقول جرجی زیدان: «فالظاهر أن العرب لـما خالطوا السریان فی العراق، اطلعوا على آدابهم، وفی جملتها النحو، فأعجبهم. فلما اضطروا الى تدوین نحوهم، نسجوا على منواله، لأن اللغتین شقیقتان». ویقول عن أبی الأسود: «وکأنه تعلم لغة السریان، أو اطلع على نحوها، فرغب فی النسج على منواله» (تاریخ الآداب العربیة، 1982م: 1/ 255، 341 ـ 342). ولا شک أن هذه آراء لکتّاب لهم مکانتهم فی تاریخ الأدب العربی. والـمهم فیها مناقشة الفکرة نفسها خاصة من ادعى بخیاله الـخصب، أن أبا الأسود ربما تعلم السریانیة، وتأثر بنحوها. وهو تصور لا شک یفتقر إلى الدلیل. کما أن شوقی ضیف ینفی إثبات ذلک علمیاً، و خاصة أن النحو العربی یدور على نظریة العامل، و هی لا توجد فی أی نحو أجنبی. (ضیف، الـمدارس النحویة، 1986: 20) و یضیف (عبدالـحسین الـمبارک) فی رفضه لهذا الرأی بالإضافة إلى فقدان الدلیل، أنه یسلب علماءنا قدراتهم على الإبداع و الابتکار. (الـمبارک، مقال دور البصرة فی نشأة الدراسات النحویة: 21). ومن الـمستشرقین الـمنصفین من نفى أیضاً احتمال تأثر أبی الأسود بالنحو الیونانی. ففی مقال لأستاذ فقه اللغة العربیة فی السوربون، الأستاذ جیـرار ثروبو قال: «إن قدامى النحاة لم یعرفوا الـمنطق الیونانی فی القرن الثانی للهجرة/ الثامن للمیلاد. إذْ إن تآلیف أرسطو، لم تنقل بعد إلى اللغة العربیة» ثم یقول فی آخر کلامه « وفی الـختام، فأنا أعتقد، أن علم النحو أعرب العلوم الاسلامیة، وأبعدها عن التأثیـر الأجنبـی فـی طوره الأول». gerar throbo)، مـجلة مـجمع اللغة العربیة، 1978م: 133 ـ 138). ویبدو أن هذا الـرأی لـم یـجد من یؤیده حتى مـمنْ انساق مع آراء الـمستشرقین، حیث قال أحـمد أمین: و یظهر أن تأثیـر الیونان و السریان فی العصر الأول لوضع النحو،کان تأثیـراً ضعیفاً. (ضحى الاسلام، 1935: 1/ 293) وهنا یُحیل (أحمد أمین) إبداع العرب للنحو فی الابتداء إلیهم، وانه لا یوجد فی کتاب سیبویه إلا ما اخترعه هو، والذین تقدموه، وهو اعتراف آخر علی نشوء النحو قبل سیبویه. ولابد أن یکون من الأستاذ الأول وهو أبو الأسود، بل من الـموجِّه و الـمؤسس الأول وهو علی بن أبی طالب (علیه السلام). فالواضع الأول تعنی الشخص الذی ابتکر النواة الأساسیة للنحو العربی. ولقد بقیت هذه النواة على حالها، وهی تقسیم الکلمة، کما أن أبا الأسود وهو النحوی الـمعروف، لم یَدَّعِ أن هذه البذرة الأولی بدرت منه، بل صرح وأکد أنها صدرت من الـمؤسس وهو الإمام علی(علیه السلام). فعلام الـجدل فی التشکیک بالواضع الأول؟! إنَّ وضع علی علیه السلام للنحو یُعَد من الـمُسَلَمات، بعد التدقیق فی الروایات الواردة، ومعرفة اللبنة الأولی، والـحادثة التی شهدت وضعها، والشاهد علیها، وهو ما یکفی لرد الشک عنها.
8- إشارات جانبیة: إن البحث فی قضیة وضع النحو عند القدماء ،کان قدر الإمکان فی إطار نقل الـحقیقة، و تجنب ما لم یثبت عند الـمؤرخین، فإن وردت روایات اضافیة، فقد بینوا نظرهم فیها، و أکدوا صحة ما اعتقدوا صحته. ولکنهم للأمانه العلمیة، لم یهملوا ما سمعوه من روایات، حتى إذا کانوا یعتقدون بعدم صحتها. ولکن بعض الباحثین فی عصرنا الـحدیث، مالوا إلى إعمال تصوراتهم ،حتى فی مقابلة و مواجهة الروایات الـمؤکدة. و هذا ما یثیر الأسف، خاصة بعد الاطلاع على الـحقائق، إلا أنهم ربـما یستطیعون تثبیت ما أرادوا اختلاقه فی أذهان غیر الـمطلعین على حقائق التاریخ، فالفرق ثابت بین العالم الـحقیقی الذی ینشد الـحق، و بیـن من یتخبط حسب هواه. و ینقل لنا کیف أن أبا الأسود کان على خُلقٍ علمی عالٍ. فیقول: «و لقد بلغنا عن أبی الأسود الدؤلـی: أن امرءاً کلَّمه ببعض ما أنکره أبو الأسود. فسأله أبو الأسود عنه، فقال: هذه لغة لم تبلغک. فقال له: یا بن أخی انه لا خیر لک فیمالم یبلغنی. فعرّفه بلطف أنّ الذی تکلم به مختلق.» (ابن السراج، 2009م: 9) وهذا یبین خُلُقَ العلماء السابقین، الذین بنوا رکائز الـمعرفة، والذین لولا ما ورد عنهم لما بقی مایمکن الاطمئنان إلیه وتصدیقه. وبصراحة فإن أدلة الـمخالفین لروایات وضع علی (علیه السلام) وأبی الأسود للنحو، یجادلون علی مبدأ عدم تصور ما حصل. فبماذا یفسر وصف عمل أبی الأسود من قبل أحمد أمین «فی أول الأمر کان ساذجا بسیطا » (ضحی الإسلام، 1935: 1/287) وهذا العمل نفسه أصبح أساسا لقواعد اللغة العربیة! کما سبق أن صرح بذلک أحمد أمین نفسه؟ ثم ما الـمغزی من إثارة الـجدل حول ظهور مصطلح النحو لأول مرة مع وجود الروایات الکثیرة التی أشارت إلیه منذ تأسیسه؟ وما فائدة الترکیز علی الفرق بینه وبین مصطلح العربیة، إذا کان القصد منهما واحدا؟ ثم بماذا یفسر التناقض فی العودة إلی الاضطرار بالتصدیق بالروایات؟ والاعتراف بقدرة أبی الأسود؟ لنلاحظ کلام الأفغانی بتأیید لأحمد أمین « وهو ما أجمعو علیه قدیما ولم یشک فیه حدیثا أحد. والشکل أعود علی حفظ النصوص من حدود النحو. ولعله أعظم خدمة قدمت للعربیة حتی الآن، وکان الـخطوة الأولی إلی النحو، کما ذهب إلیه الأستاذ أحمد أمین.»(ثم یعود لیقول:) « یجعلنا نقطع بأنه وضع أساسا بنی علیه من بعده، ولکن ما هو هذا الأساس؟ لسنا نجد لهذا السؤال جوابا یشفی الغلیل.» فکیف أصبحت السذاجة فی نظر(أمین) أساسا للنحو فی نظر (الأفغانی) مع بقاء التحالف بینهما ؟ ولا أعلم لماذا یشدد الأفغانی علی إثبات قول ابن فارس إن النحو کان قدیـما؟ فهل أصبح الـمحدثون أجدر بأن یذکروا ما کان قبل الإسلام من رواة صدر الإسلام ؟ ولـماذا انفرد ابن سلام بإشارة بسیطة إلیه، دون أن یذکره أی من مؤرخی ما قبل الإسلام؟ والأفغانی ینقل روایة الأنباری فیقول : «فقد اطمئن إلی خبر ذکره فی أول کتابه حین روی أن علی ابن أبی طالب[علیه السلام] دفع إلی أبی الأسود رقعة فیها الکلام کله اسم وفعل وحرف... إلی أن وصل إلی باب أن وأخواتها، ما خلا لکن ، فلما عرضها علی علی [علیه السلام] أمره بضم لکن إلیها. وکلما وضع بابا من أبواب النحو عرضه علیه .» ثم یعبر عن رفضه لهذا الامر لأنه لا یجد للإمام علی علیه السلام متسعا من الوقت لإبداء ملاحظاته، ولانشغاله بالـخلافة. ویردد نفس أقوال أحمد أمین، ویضیف: « وأنا مع عدم استبعادی کثیرا، صدور کلام مثل هذا عن أبی الأسود، بعد موت علی بسنین، حین اعتزل العمل الرسمی، وفرغ لمثل هذه الشؤون،
لا أطمئن إلی ما روی ابن الأنباری ».( الأفغانی، من تاریخ النحو، 1978: 28 – 30 ) فالـمهم عند الأفغانی أن لا تکون لعلی (علیه السلام) ید فی النحو. فأبو الأسود یستطیع، ولکن بعد أن یکون قد خرج من علی (علیه السلام)، وذهب إلی معاویة. فهو یخفی هذا الـمغزی تحت القول بأن علیا (علیه السلام) لیس متفرغا لهذا العلم، وهو شیء عجیب. فالـملاحظ أن من أهم من شکک فی الروایات أحمد أمین ثم تبعه الأفغانی بالتأیید. ولکن لم تثبت صحة تصوراتهما لأنها بحد ذاتها متناقضة ومبنیة علی افتراضات خیالیة.
و لایخفى أن هذا البحث تجنب الإشارة إلى اعتقادات الشیعة بعصمة الإمام علی(علیه السلام)، والتی تغنی عن کثیر من الـحدیث فی هذا الـموضوع.و إن کان من واجب الـمسلمین کافة، أن یؤمنوا حقیقةً بما قاله الرسول الاکرم عن الامام علی علیه السلام، واقلُّهُ أنه باب علم الرسول صلی الله علیه وآله وسلم. و هذا ما یزیل أی شک فی القدرة العلمیة لدیه، و التی کانت مثار شک عند بعض مدعی العلم من الـمسلمین وغیرهم. و کذلک، فإن الآراء التی تناولها البحث اقتصرت على الـمخالفین، أما الـمؤیدون الکُثْرُ لـما ذهبت إلیه الروایات، من الکتاب الـمعروفین أمثال العقاد والنجدی وکمال إبراهیم وغیرهم، فلم یتم التطرق لهم فضلاً عن الکتّاب الشیعة أمثال؛ السید حسن الصدر، الذی خصص حدیثاً مفصلاً لوضع النحو فی کتابیه (تأسیس الشیعة لعلوم الإسلام: 40 وما بعدها) و (الشیعة و فنون الاسلام، 1385هـ: 539 و ما بعدها). وکان الترکیز فی هذا البحث على ترتیب الروایات، و الرد على أهم ما أثاره الـمخالفون من حجج و تصورات.
9- أسبقیة الإمام علی علیه السلام فی وضع النحو:
لو نظرنا إلى آراء الـمحققین، نجدها تعتمد على الروایات النقلیة الواردة عن عصر وضع النحو، ولیس للاجتهاد دور فیها، بل نجد أن بعض الباحثین یمیل إلى روایة دون أخرى لاعتقاده بصحتها. وحین النظر إلى مجموع الروایات الواردة نجد أن الأغلب فیها یشیر إلى أبی الأسود، وأبو الأسود یعترف بأنه أخذ العلم عن الإمام علی علیه السلام، وهذا ما یجعل الـمؤیدین یمیلون إلى هذا الأمر، ویعارضون االتشکیک باعتباره یعتمد على قلة من الروایات، التی یُشکّ فی نوایا أصحابها الـمتأثرة بالـخلاف الـمذهبی والسیاسی، ومن الـمتوقع عداؤهم لمخالفیهم. فالـمسألة الأساسیة تتمثل فی القدرة على الالتزام بالـحق والإنصاف فی تأیید الأقوى والأرجح من الروایات. ولکی یعیّن الواضع الأول، لابد من الترکیز على کلمتی (أول) و(واضع)، خاصة فی تأسیس علم جدید، له من الأهمیة الشرعیة والعلمیة ما لا یخفى على أحد، فالأولویة تتضح من تقدم الواضع دون أن یسبقه أحد، وبعض الروایات تشیر بصراحة إلى أن السابق فی وضع النحو کان علیا علیه السلام، واذا کان البعض لا یرتضی ذلک، فلابد أن یستعین بتصریح أبی الأسود نفسه، أنه أخذ هذا العلم عن علی علیه السلام. أما ما یخص الوضع فإن الـمقصودبه وضع مبادئ العلم وأولیاته التی بُدِئ بها، والتی کانت سابقة لکل ما ظهر فی هذا العلم من موضوعات، ولا شک أن ذلک تعلق بتقسیم الکلمة التی صرحت الروایات أن أول ناطق بها هو الإمام علی علیه السلام. فالإنصاف یقتضی بناءً على ذلک أن لایختص وصف الواضع الأول بغیر الإمام علی علیه السلام، لأنه فی أکثر الروایات لا نجد تعارضا مع اختصاص هذا اللقب به. فابن الأنباری یقول: إن الروایات کلها تسند وضع النحو إلى أبی الأسود وأبو الأسود یسنده إلى علی علیه السلام. والسیوطی یقول عن الفخر الرازی: وتطابقت الروایات على أن أول من وضع النحو أبو الأسود، وأنه أخذه أولا من الإمام علی علیه السلام، أو ما یشیر إلى أن أبا الأسود کان لا یخرج شیئا مما أخذه عن الإمام علی علیه السلام، وغیر ذلک مما مر ذکره. مع التأکید على أهمیة ترجیح الباحثین لأکثریة الروایات فقد ذکر السیوطی مجموعة من الروایات الـمسندة فی کتابه الذی أسماه (سبب وضع العربیة) ومنها عن أبی الأسود «قال دخلت على أمیر الـمؤمنین علی بن أبی طالب رضی الله عنه، فرأیته مطرقا متفکرا فقلت: فیم تفکر یا أمیر الـمؤمنین قال: إنی سمعت ببلدکم هذا لـحنا فأردت أن أصنع کتابا فی أصول العربیة، فقلت: إن فعلت هذا أحییتنا وبقیت فینا هذه اللغة. ثم أتیته بعد ثلاث فألقى إلی صحیفة فیها بسم الله الرحمن الرحیم، الکلام کله اسم وفعل وحرف، فالاسم ما أنبأ عن الـمسمى، والفعل ما أنبأ عن حرکة الـمسمى، والـحرف ما أنبأ عن معنى لیس باسم ولا فعل. ثم قال لی: تتبعه وزد فیه ما وقع لک. واعلم یا أبا الأسود، أن الأسـماء ثلاثة ظاهر ومضمر وشیء لیس بظاهر ولا مضمر، وإنما تتفاضل العلماء فی معرفة ما لیس بظاهر ولا مضمر.» «قال أبو الأسود فجمعت منه أشیاء وعرضتها علیه فکان من ذلک حروف النصب، فذکرت منها إن وأن ولیت ولعل وکأن، ولم أذکر لکن، فقال لی: لم ترکتها؟ فقلت:لم أحسبها منها. فقال: بل هی منها، فزدها فیها.» و «قال: حدثنا کیسان بن الـمعرِّف الـهُجَیمی أبو سلیمان، عن أبی سفیان بن العلاء، عن جعفر بن أبی حرب بن أبی الأسود الدؤلی، عن أبیه رحمه الله، قال: قیل: لأبی الأسود من أین لک هذا العلم؟ یعنون النحو قال: أخذت حدوده عن علی بن أبی طالب کرم الله وجهه.» (السیوطی، سبب وضع العربیة: 34،35،48). فالتأیید واضح إلى دور أبی الأسود فی وضع النحو، باعتباره الشخصیة اللغویة والشعریة، التی عاشت مع الواقع الاجتماعی للناس، الا أن هذا الدور لا ینفی ضرورة الإشارة إلى الواضع الأول، الذی ابتکر الأساس الأول للعلم، والذی یتناسب مع قدرته العلمیة الـمتمیزة. والـجدیر بالباحث العلمی النـزیه، وضع الـحقائق العلمیة فی أماکنها بدقة، تثبیتا للحق، ودحرا للاباطیل والادعاءات والتجاوزات، التی تأتمر بأوامر الشک الدافع إلى هاویة الإثم. وعلیه فلابد من اختصاص وصف الواضع الأول بشخص الإمام علی علیه أفضل الصلاة والسلام .
10-النتیجة
بهدف تحدید الواضع الاول للنحو وبعد استعراض الروایات الواردة نستنتج ما یلی:
- غلبة وکثرة روایات وضع النحو من قبل أبـی الأسود الدؤلی، بتوجیه من الإمام علی بن أبی طالب (علیه السلام). وتصریح النحویین الأوائل بأخذهم القواعد الأولى للنحو من أبی الأسود، و إقراره و تأکیده على أخذه لعلم النحو من الإمام علی (علیه السلام).
- دفع شکوک من استبعد وضع الإمام علی للنحو، وذلک بأن التقسیمات والتفریعات العلمیة لم تکن غریبة عن أحادیث حکماء العرب وبلغائهم وشعرائهم قبل الإسلام وفی بدایته، وأن وجود قلة من الروایات الـمخالفة والـمتناقضة لایدل على بطلان الروایات الکثیرة الـمؤیدة، وأن احتیاج لغة القرآن الکریم للنحو مع ظهور اللحن یؤکد ضرورة وضعه وقت الـحاجة إلیه.
- أهمیة تشکیل کلمات القرآن وتحدید حرکاتها، و انه من أساسیات علم النحو، و رد الاستهانه به. وثبوت تشکیل کلمات القرآن من قبل أبی الأسود.
- ثبات وبقاء القاعدة الأولى للکلمة والـموضوعة من قبل الإمام علی (علیه السلام)، و عدم معارضتها من قبل النحویین.
- رد احتمال تأثر أبی الأسود بالنحو الیونانی أو السریانی أو الهندی، بأن لکل لغة طبیعتها الـخاصة، وأن أهل اللغة أولى بوضع قواعدها ونحوها، لوجود میزات فی اللغة العربیة تختلف عن اللغات الأخرى.
- تأکید أهلیة الإمام علی (علیه السلام) لوضع النحو لأنه الأکثر من غیره علماً و بلاغةً، واطمئنان الرواة الأوائل و الـمعتبرین لصحة روایة وضع الإمام علی للنحو.
- ثبوت انحیاز الکتاب الـمشککین الأساسیین إلى أعداء أهل البیت (علیهم السلام) بادعائهم الباطل ضد الشیعة والتشیع.
وعلیه فإن الآراء الـمخالفة لوضع الإمام علی (علیه السلام) و أبی الأسود للنحو العربی و کذلک الـمشککة فیه،لم تعتمد على أدلة بـمعنى الکلمة، بل على تصورات شخصیة دون دلیل واقعی، بعد التأثر بمحاولات بعض الـمستشرقین النیل من قدرة علماء الأمة الإسلامیة. وان الآراء الـمخالفة للحقائق التاریخیة إذا کانت تنطلی على غیر الـمطلعین، فإنها ستثیر استغرابهم واستهجانهم، بعد اتضاح الـحقائق عندهم، مما یؤثر على سمعة ومکانة الـمحققین الـمزیفین، بعد اکتشاف تحاملهم على الـحقائق دون دلیل علمی مقبول.
الـمصادر
آل یاسین، محمد حسن، دیوان أبی الأسود الدؤلی، الـمقدمة، دار الـهلال، 2001 م.
الأفغانی، سعید، من تاریخ النحو، دار الفکر، ط 2، 1978 م.
ـــــ، فی أصول النحو، بیروت، دار الفکر، 1973 م .
ابن الأنباری (ت 577 هـ)، نزهة الألباء، تحقیق ابراهیم السامرائی، بغداد، مکتبة الاندلس، ط2، 1970م.
ابن جنی ، أبو الفتح عثمان(ت 392 هـ )، الـخصائص، تحقیق عبد الـحمید هنداوی، بیروت، دار الکتب العلمیة، ط2، 2003م.
ابن خلدون، عبدالرحمن بن محمد (ت 808 هـ )، الـمقدمة، تصحیح أبو عبدالله السعید، مؤسسة الکتب الثقافیة، ط 4، 2005 م.
ابن خلکان، أحمد بن محمد (ت 681 هـ )، وفیات الأعیان و أنباء أهل الزمان، تـحقیق إحسان عباس، بیروت، دار الثقافة، د.ت.
ابن درید، أبوبکر محمد بن الـحسن (ت 321 هـ )، جمهرة اللغة، تـحقیق رمزی بعلبکی، دار العلم للملایین، ط 1، 1987م.
ابن السراج، أبوبکر محمد ( ت 316 هـ )، الأصول فی النحو، تـحقیق محمد عثمان، القاهرة، مکتبة الثقافة الدینیة، 2009م.
ابن سلاّم، محمد بن سلاّم، ( ت 232 هـ )، طبقات فحول الشعراء، القاهرة، دار الـمعارف، 1952.
ابن عساکر، علی بن الـحسین (ت 571 هـ )، تاریخ دمشق، تـحقیق علی شیری، بیروت، دار الفکر، ط1، 1998 م.
ابن فارس، أحمد (ت 395هـ) ، الصاحبی فی فقه اللغة، تـحقیق مصطفی الشویـمی، بدران، بیروت ، ط1، 1963م.
ابن قتیبة، عبدالله بن مسلم (ت 276 هـ)، الـمعارف، ایران، منشورات الشریف الرضی، ط 1، 1415هـ.
ــــ، الشعر و الشعراء، طبع ابریل مدینه لیدن، 1902 م.
ابن منظور، محمد بن مکرم (711 هـ)، لسان العرب، بیروت، دار صادر، ط 1، بغداد، مکتبة الاندلس، ط2، 1970 م.
ابن الندیم، محمد بن اسحاق (ت 385هـ)، الفهرست، طهران ، 1973م.
أبو الطیب اللغوی (ت 351 هـ )، مراتب النحویین، تحقیق محمد أبو الفضل، القاهرة، ط 2، 1974 م.
أبو الفرج الإصفهانی (ت 356 هـ)، الأغانی، تحقیق إحسان عباس و آخرین، بیروت، دار صادر، ط 3، 2008م.
أبو هلال العسکری (ت 395 هـ )، الأوائل، الریاض، دار العلوم، 1980م.
أمین، أحمد، ضحى الإسلام، مکتبة النهضة الـمصریة، ط 7، 1935 م.
البُرِّی، محمد بن أبی بکر (ت 645 هـ)، الـجوهرة فی نسب النبی وأصحابه العشرة، تـحقیق محمد التنوجی، الریاض، ط 1،1983 م.
بروکلمان، کارل، (Carl Brockelmann)، تاریخ الأدب العربی، ترجمة عبدالـحلیم النجار، مصر، دار الـمعارف، ط 3، د.ت.
التنوخی، الـمفضل بن محمد (442 هـ )، تاریخ العلماء النحویین، الـموسوعة الشعریة.
الـجاحظ، عمرو بن بـحر، (ت 255 هـ)، البرصان والعرجان والعمیان والـحولان، تـحقیق عبدالسلام محمد هارون، بغداد، دار الرشید، 1982 م.
الـجرجانی، علی بن محمد، التعریفات، تـخقیق إبراهیم الأبیاری، بیروت، دار الکتاب العربی، ط 1، 1405هـ.
جیرار ثروبو، gerar throbo))، نشأة النحو العربی فی ضوء کتاب سیبوبه (مقال) مجلة مجمع اللغة العربیة، الأردن، عدد 1، مجلد 1، 1978 م.
الـحدیثی، خدیـجة، الـمدارس النحویة، جامعة بغداد، ط 2، 1990م.
الـحموی، یاقوت (ت 626 هـ )، معجم الأدباء، بیروت، نشر مرجیلوت، دار الـمأمون، د.ت.
الـخطیب، عبدالزهراء الـحسینی، مصادر نهج البلاغة، بیروت، دار الأضواء، ط 3، 1985 م.
دهخدا، لغت نامه، تهران، چاپخانه مجلس، 1325 خورشیدی.
الرافعی، مصطفى صادق، تاریخ آداب العرب، راجعه درویش الـجولای، بیروت، الـمکتبة العصریة، 2002 م.
الزبیدی، أبو بکر (397)، طبقات النحویین و اللغویین، تـحقیق محمد أبو الفضل إبراهیم، مصر، دار الـمعارف، 1973 م.
زیدان، جرجی، تاریخ آداب اللغة العربیة، بیروت، دار الـجیل، 1982 م.
السیرافی، أبو محمد یوسف بن مرزبان (ت 368 هـ )، أخبار النحویین البصریین، تحقیق طه الزینی ومحمد عبدالـمنعم، ألبابی الـحلبی، مصر، 1955 م.
السیوطی، جلال الدین عبدالرحمن (ت911 ق): الاقتراح، تحقیق أحمد محمد قاسم، نشر أدب الـحوزة، د.ت.
ـــــ، بغیة الوعاة فی طبقات اللغویین و النحاة، دار الفکر، ط 2، 1979 م.
ـــــ، سبب وضع العربیة، تحقیق مروان العطیة، دمشق ، دار الهجرة، د.ت.
ـــــ، الـمزهر فی علوم اللغة و أنواعها، تحقیق محمد جاد الـمولى و آخرین، الفیروز آبادی، قم، ط1، 1410هـ .
الشوشتری، محمد إبراهیم خلیفة، تاریخ النحو العربی، طهران، ط 1، 1382 ش.
الصدر، حسن، تأسیس الشیعة، طهران، منشورات الأعلمی، د.ت.
ـــــ، الشیعة و فنون الاسلام، تحقیق مرتضى الـمیر سجادی، قم، السبطین، ط 1، 1385 هـ .
ضیف، شوقی، الـمدارس النحویة، مصر، دار الـمعارف، 1968 م.
الطنطاوی، محمد، نشأة النحو و تاریخ أشهر النحاة، تحقیق عبدالرحمن محمد، مکة، مکتبة إحیاء التراث، ط 5، 2002م.
الطهطاوی، محمد عزت إسماعیل، التبشیر و الاستشراق، القاهرة، مجمع البحوث الإسلامیة، ط1، 2004م.
القفطی، علی بن یوسف (646)، إنباه الرواة على أنباه النحاة، تحقیق محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة،
دار الکتب، ط 2، 2005 م.
الـمبارک، عبدالـحسین، دور البصرة فی نشأة الدراسات النحویة.مقال فی / www.basrahcity.net
الـمبارک، مازن، النحو العربی، العلة النحویة، بیروت، دار الفکر، ط 3، 1981 م.
الـمُقرئ، أبو طاهر عبدالواحد بن عمر (ت 349 هـ )، أخبار النحویین، تحقیق محمد إبراهیم البنا، مصر، 1981م.
النویری، أحمد بن عبدالوهاب (ت 733 هـ )، نهایة الأرب فی فنون الأدب، تـحقیق مفید قمحیة و آخرین، بیـروت، دار الکتب، ط 1، 2004 م.
دار الکتب، ط 2، 2005 م.